الاثنين، 29 أغسطس 2016

مراجعة: رواية حرمة

حرمة حرمة by علي المقري
My rating: 4 of 5 stars

هذه الرواية صدمة لشدة واقعيتها، وصراحتها المفرطة، لقد كشفت عورات الواقع، الأمور التي تحصل في كل زمان ومكان في العالم العربي، في هذه الرواية أنت تقرأها لتجدها أمامك.

لن أتكلم أكثر، ولكن يكفي منعها من النشر والتداول في عدد من البلدان العربية، لأقرر مسبقاً أنها ستعجبني .. لأن العرب لا يمنعون إلا ما هو مميز.

مبدعة في تعرية الواقع !!

اعلم يا عزيزي أن الإنتاج الأدبي أو الفكري الذي يُمنع من النشر والتداول في أي دولة عربية، هو حتما يستحق القراءة ..
فهم لا يمنعون إلا ما من شأنه أن يحرك عقولنا ويدفع سيل التساؤلات فيها.
لا يمنعون إلا ما من شأنه أن يحرك الطاقات الكامنة في روح الشعب.

اقرأوا أي شيء ممنوع من النشر والتداول، ابحثوا عنه في أي مكان واقرأوه.


View all my reviews

الأحد، 28 أغسطس 2016

مراجعة: كتاب الهرطقة المئة

الهرطقة المئة الهرطقة المئة by يوحنا الدمشقي (منصور بن سرجون)
My rating: 2 of 5 stars

كتاب ممتع ولطيف، وأجمل ما فيه أنه بسيط وجذاب ..

ترِد فيه من وجهة النظر المسيحية بعض الردود على الدين الإسلامي ومحاججة المسلمين في ما يسوقونه من أسئلة ونقودات للدين المسيحي .. ولكن جدير بالذكر أن هذه المحاجات والنقودات كانت منذ ما يقارب الألف سنة !!

إضافة إلى أن القديس يوحنا الدمشقي قد اعتمد في كل طرحه على مناقشة المسلم العادي البسيط صاحب المذهب السني .. ومما ليس هو خفي، أن هذه الحجج التي ساقها كلها، لو طُرحت على معتزلي لأجابها وردها جملة وتفصيلاً !!

ولكن يؤخذ على المؤلف حدته والقاء سيل الشتائم والتسخيف والاتهام بالتفاهة للنبي الأكرم محمد (ص)، وللقرآن الكريم، وللمسلمين بشكلٍ عام .. وهذا ما لا يعد من سمات النقاش الحضاري المؤدب !!

View all my reviews

كيف عملت السلطة الدينية على تخلف المسلمين؟



لا يُنكِرُ من يعقل، أننا نعيشُ اليومَ في أدنى مستويات الحضيض، بالرغم من أننا في الآونة الأخيرة ونتيجة للانفتاح الثقافي والمعرفي الكبير الذي حققته لنا التكنولوجيا، صرنا قادرين على البحث والتعرف على الثقافات الأخرى والإنجازات الإنسانية بمجرد ضغطة زر، ومع ذلك فإن التخلف ما يزال مسيطراً في كل مجالات حياتنا في الوطن العربي.



ولو أننا بتنا نسألُ اليوم عن سببِ تخلفنا المريع هذا، فإن الإجابة على هذا السؤال في غاية الصعوبة وربما تحتاج إلى عشرات الصفحات من البحث والتقصي، والدراسات الاجتماعية والنفسية والفلسفية المعمقة من أجل إيفائها حقها. ولكن دعونا نحاول بما لدينا من قدرة ومعرفة، على تحليل الأمور واستخلاص النتائج من أجل الإمساك برأس خيط هذه المشكلة، علَّنا نفهم سرَّ تخلفنا الذي بدأ أولاً وقبل كل شيء من أهل الدين ورجالاته!


أولاً: لغَّزوا وعقَّدوا كل شيء

مارسَ الكهنةُ ورجالُ الدين التلغيزَ والتعقيدَ في شرحِ المسائل، فهم يطرحون عِلمَهم كألغاز وبطريقةٍ غامضةٍ صعبة الفهم، فيظنُ العاميّ أن العلم والمعرفة لم يوجدا إلا عند هذا الشيخ. ومن هنا جاء تقديسُ العوام لكهنةِ الأديان على مر العصور. ببساطة إنهم يمارسون نفس طريقة الدجالين والغجر ومُدَعي كشف الطالع، حين يحتالون على الناس بخطاباتهم المليئة بالأسرار والألغاز واللعب في الكلمات، فيظن الضحية أن الدجال قد علم الغيب، وكَشَفَ الحُجُب!

ويحضرُ في ذهني الآن مشهداً كنت قد قرأته في إحدى صفحات فيسبوك، وللأمانة لا أعرف هل وقع حقاً أم أنه مجرد وحي من خيال الكاتب، حيث حصل ذلك –حسب ما ورد في المنشور الفيسبوكي– في خطبة جمعة، أن أحدهم سأل شخصاً بعد نهاية الخطبة: "لقد لفَتَني أنك كنتَ منتبهاً أشد الانتباه إلى الخطبة، فهل فهمت منها شيئاً؟" فأجابه: "ويحَكَ يا هذا، كيف لي أن أفهم كلام هذا العلَّامة الكبير؟!!"
وبغض النظر إن كان ذلك قد حدث حقيقة أم لا، إلا أنه من غير المستبعد حصوله –حسب وجهة نظري– فمن يرى ويستمع لأسئلة المشاهدين والمستمعين لرجال الدين على شاشات التلفزيون وإذاعات الراديو، يدركُ عمقَ المأساة!

وفي المقابل، هناك الكثير مِن رجال الدين، الذين يشرحون المسائل بالتفصيل، ويُجيبون على الأسئلة بطريقة واضحة وفي غاية البساطة، تُخاطبُ أقلَّ العقول شأناً، بخطابٍ ملؤه التسامح والمحبة، إلا أنهم وللأسف الشديد، في نظر العوام ليسوا بشيوخٍ ولا علماء! ولا نجدُ لهم الأثر الكبير، ولا تلك الشهرة التي يتحلى بها الكهنة وشيوخ "اللايكات" على فيسبوك!

ولهذا السبب وجدنا نخبة قليلة جداً من الناس هم أهل العلم والدراية والثقافة، أما السواد الأعظم فهم مجرد عوام لا يفقهون شيئاً سوى ما تَلقنوه من أولئك الذين اغتصبوا كرسي الإفتاء والقول بالعلم والدين.


ثانياً: أشبعوا الأمة أساطيراً وخرافاتٍ وتُرَّهاتْ

عملت السلطة الدينية ممثلةً بالفقهاءِ وأهل الحديث، بما لديها من سطوةٍ على الناس، على تعطيل العقول والتوجه بأصحابها إلى التصديق بالأساطير والخرافات؛ فألَّهوا ولاة الأمر بالاستناد إلى الحديث: "عليك بطاعة الأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع"، وأغرقوا الأمة الإسلامية في الشعائر والمظاهر والتدقيق غير المبرر على تفاصيل وحركات ومظاهر لا شأن لنا بها أو نفع.

وألَّفوا عشرات الكتب في أحكامِ الوضوء وحركاتِ الصلاة وأشكالها، وأحكامِ الطهارة والجِنابة والحيض والنفاس والاغتسال ...إلخ. وعملوا على تأجيج الشعور بالذات الدينية والتميز على باقي الأمم تحت شعار: "خيرُ أمةٍ أخرجت للناس"، والذات المذهبية، بالاسترسال في شرح وعرض وتفصيل هذا الحديث بمناسبة وبغير مناسبة: "تنقسم أمتي على اثنتين وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة" وطبعاً كل فرقة صارت تظنُ نفسها هي الناجية! وبذلك فقد ضَمِنوا الجنة لمن بَصَمَ ونفذ دون أي تعقيب أو تعليق، وتوعدوا بالنار لمن سأل واختلف، كأنهم سكريتاريا الله على الأرض!


ثالثاً: أهانوا المرأة وأنزلوها منزلة المتاع

عملوا على الإعلاء من قيمة الذكر والحط من قيمة الأنثى التي تشكلُ نصف المجتمع والتي تعمل على تربية نصفه الآخر، والمتتبع للكم الهائل من الأحاديث وآراء الفقهاء التي تحط من قدر المرأة وتجعلُ منها مجرد تابعٍ للرجل أو إنسان من الدرجة الثانية، مهمتها الطبخ والنفخ والجنس والرعاية، ربما يُصعق من هول ما سيرى.

ونذكرُ في هذه المقالة عدة أمثلة على ذلك، وما خفي كان أعظم:

*المرأة أكثر أهل النار، وهي ناقصة عقل ودين.*المرأة عورة، صوتها عورة، ووجهها عورة.*زوجها يستطيع أن يعتدي عليها بالضرب.*المرأة مجبرة على الجنس مع زوجها لأنها لو رفضت ستلعنها الملائكة.*دية المرأة نصف دية الرجل.* "الجنة تحت أقدام الأمهات" (حديث ضعيف). بينما "المرأة تقطع الصلاة مثل الكلب والحمار" (حديث صحيح) !!

وانظر معي عزيزي القارئ لهذا الحديث الطويل الذي ورد في كتاب الكبائر للذهبي، وسأقوم بنقل جزء بسيط منه نظراً لطوله:

"عن الإمام على بن أبي طالب قال: دخلتُ أنا وفاطمة على رسول الله، فوجدتهُ يبكي بكاءً شديداً، فقلتُ: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك؟ فقال: ليلةَ أُسريَّ بي إلى السماء رأيت نساءً من أمتي في عذابٍ شديد، وذكرتُ شأنهن لما رأيتُ من شدةِ عذابهن؛ رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماء رأسها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بصدرها، ورأيت امرأة معلقة برجليها في النار... فقالت فاطمة: أما المعلقة بشعرها فكانت لا تغطي شعرها من الرجال، أما المعلقة بلسانها كانت تؤذى زوجها، أما المعلقة بصدرها فإنها كانت تمتنع عن فراش زوجها، أما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها... ثم قال –صلَّ الله عليه وسلم– : ويلٌ لامرأة أغضبت زوجها وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها".

وبالرغم من أنه حديثٌ موضوعٌ وضعيف، إلا أنه قد انتشر بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي، ونستشفُ من ذلك، أن هناك موافقة وقبول من ثلة واسعة من المسلمين على ما جاء فيه، وذلك نتيجة لسنوات طويلة من التقليل من شأن المرأة، حيث صار وعيُ الإنسان المسلم مُشكَّلاً ومُعَداً لتقبل كل ما من شأنه الانتقاص منها دون أدنى تمحيص أو تأكد أو بحث. ولذلك نرى احتقاراً وازدراءً شديداً بالمرأة وحقوقها في المجتمعات العربية، فمن أُشبع عقلهُ بكل هذا العفن الفكري، لا عجبَ أن ينظرَ دوماً إلى المرأة بعين الازدراء والحط منها ومن قُدراتها.

 وبالنتيجة لذلك، تخيل معي عزيزي القارئ مجتمعاً لا تُقدِمُ فيه الأمهات لأبنائهن سوى الطعام والرعاية المتعارف عليها، وتبقى مسؤولية تربية الطفل وتثقيفه وتأديبه قابعة على كاهل الرجل، الذي أصلاً لم يتلقَ من والدته شيئاً من العلم والمعرفة والتربية! بل بالأحرى لم يتلقَ من العلم شيئاً، سِوى ما تَلقَنَه من خُطب المشايخ، والذي بدوره سيقوم بتوريده إلى عقل ابنه الذي سيكون مثل أباه، مجرد عامي ساذج آخر يحتقرُ المرأة ويبخسها حقوقها.


رابعاً: قتلوا السؤال في مهده، وأعدموا كلَّ منطق

عندما كان البعض يسأل عن أمورٍ عميقةٍ ودقيقةٍ في الدين، كانوا أولئك المشايخ، إذا عجزوا عن الإجابة يلقون في أوجههم فوراً الآية الكريمة من سورة المائدة باجتزاءٍ يُخلُّ بالمعنى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ...(101)"؛ ترهيباً لهم من السؤال والتفكير.

وعندما كان يرفضُ البعض هذه الإجابة، ويصرُّون على طلب الإجابات الحقيقية لأسئلتهم، ألقوا بوجوههم القول المشهور: "لحوم العلماء مسمومة"، ليمنعوهم من التعرض لرجال الدين والمشايخ بالنقد والنقض والرفض لأجوبتهم.

وإن أصر البعض على الرفض، واتجهوا نحو البحث بشكل أكبر ومحاولة الفهم الأعمق للآيات والمسائل واستخدموا الفلسفة والمنطق، ألقوا بوجههم أخيراً القول المشهور: "من تَمنطق تَزندَق" وكلنا نعرف طبعاً ما هي عقوبة الزنديق! ففي هذا القول ترهيبٌ وتهديدٌ بالقتل، أضف إلى ذلك أن من استخدم هذا القول بهذه الصياغة يمتلك من الذكاء والدهاء القدر الكبير!؛ حيث أن كلمة "تَزَندَق" المبنية للمجهول والمشروطة بالتَمَنطُق، تدل بوضوح على أن مجرد التفكير المنطقي سيقودك حتماً نحو الزندقة، حتى لو كان تفكيرك هذا واستخدامك للمنطق لم يبرح رأسك أصلاً !! وبوضوح أكثر، يعني: مجرد أن تفكر بطريقة منطقية فأنت فعلياً صرت زنديقاً كافراً مارقاً على الدين، ولا تحتاج لمن يتهمك بالزندقة.


خاتمة:

بعد هذا الكم من الترهيب الفكري، والجرائم التي ارتكبها الخلفاء بحق المخالفين بتحريض من شيوخ السلاطين، بعد هذا الكم الكبير من تسطيح العقول وتجهيل العوام والتعتيم على الحقائق، بعد كل اقصاء لكل مخالف وصاحب رأي آخر، وبعد الكثير من الممارسات التي قَعَّدَ وأطَّر لها رجالات الدين وشياطين المنابر؛ خرج لدينا العوام الجهلة الذين لا يفقهون شيئاً سوى ما تلقنوه. ومن هنا مُنع السؤال، ومن هنا مُنع التفكير، ومن هنا تخلفنا.

تخيل! نجد يومياً العشرات ممن يسألون في قنوات وبرامج الإفتاء عن حكم التصرفات التي يقوم بها أي شخص عادي يومياً، تخيل أن يُحصر السؤال في: "هل الشيء أو التصرف الفلاني حرام أم حلال؟" أهذا هو السؤال الوحيد المسموح عند كهنة الأديان؟! ويكفيك أن تكتب كلمة "هل يجوز" على محرك البحث غوغل، لتضحك حتى الصباح على الاقتراحات التي سيعرضها لك!!


طبعاً هناك مئات الأسباب الأخرى التي أدت بنا إلى هذه الدرجة من التخلف، ولكن تبقى هذه من أهمها، برأيي على الأقل.

تم النشر في موقع دخلك بتعرف 
وفي مجلة "أهل العدل والتوحيد"، الصفحة 23

الجمعة، 26 أغسطس 2016

مراجعة: رواية "المهزلة "وجوه رام الله الغريبة

"المهزلة "وجوه رام الله الغريبة by محمد جبعيتي
My rating: 2 of 5 stars


بصراحة لقد فاجأتني هذه الرواية فلم أكن أتصور أنها ستجبرني على قراءتها من بعد أن قرأت الصفحات الأولى منها، وأنا الذي يندر على أي كتاب أن يستهويني ويشدني هكذا وخصوصاً من الكتب الجديدة! .. شيء جميل ويُفرح الصدر أن نقرأ شيئاً من كتابات الجيل الجديد للكتاب الشباب ويكون مختلفا ومميزا ويحمل فكرة وليس مجرد "صف حكي" .. ولكن ما هو مؤسف أنني بعد أن قطعت شوطاً من الرواية حتى بدأ بريقها يبهت مع كل صفحة أقلبها!!

في البداية فكرت في أن أعطي هذه الرواية تقييم 4 نجوم منذ أن قطعت أول 20 صفحة، ولكن للأسف فقد تصادمت مع بعض المشاكل الفنية والمنطقية في الرواية والتي كانت كشعرة في حساء، مما دفعني إلى تقليص التقييم إلى 3 نجوم. ثم جاءت الخيبة في الفصل الأخير من الرواية والذي قلص عدد النجوم إلى نجمتين فقط.

وسأشير إلى هذه الإشكاليات التي وقع بها الكاتب في أكثر من موضع من الرواية للأسف، وأرجو أن يتقبل الكاتب الكريم رأينا المتواضع حولها:

1. ص8: اتفاق أوسلو تم توقيه في سنة 1993 وليس في سنة 1991 حيث جرت في هذه السنة المحادثات السرية للاتفاق، وبعد ذلك تم توقيعه في عام 1993 في شهر سبتمبر في اليوم الثالث عشر على وجه الدقة.

2. ص24: أسماء أبناء زكي السيلواني تم ذكرهم كالتالي: "سالم، مراد، لؤي"، ويقع الإشكال مع اسم مراد الذي تغير في الصفحة 70 فصار "بسام" ثم تغير مرة أخرى في الصفحة 71 فصار "حمزة" !!

3. ص39: الحوار الذي دار بين حنا يعقوب ولؤي حول عدم جواز زواج المسيحي بمسلمة، بصراحة من ناحية واقعية ومنطقية لا يُتصور أن يتم التطرق الى هكذا حوار في أولى اللقاءات بين الخاطب(لؤي) وبين أب المخطوبة(ميرا) .. إضافة الى ذلك فإن هذه المسألة تعد اليوم من المسائل المعروفة على نطاق واسع، فالغالبية العظمة من المسيحيين يعلمون سبب المنع .. واضافة الى ذلك ايضاً فإن حنا يعقوب قد تم تصويره في الرواية على انه انسان مثقف ومتنور ومتحرر، فمن غير المتصور أيضاً أن لا يكون عنده معلومات عن هذ الموضوع !! .. وبالتالي أرى بأن هذا الحوار غير منطقي ولم يأتِ في مكانه.

4. ص41: مضايقات والده !! أين التقاها؟ المشهد هذا كأنه مدسوس دساً بين نصوص الرواية، أو دعنا نقل أنه غير مكتمل، ومفاجئ، كان من الأفضل لو تم توظيف المشهد بطريقة أفضل وبسرد التفاصيل حول هذا اللقاء بين ميرا وزكي السيلواني.

5. ص42: يقول زكي لزوجته: "هذه تربيتك، وهذه النتيجة، تأمليها جيداً"، وينتهي هنا الحوار. ثم يعود الكاتب في ص72 ليقول ان زوجة زكي غضبت من هذا الاتهام، بالرغم من ان الحوار كله في هذه الصفحة والصفحات السابقة لها لم يتطرق الى هذا الموضوع! .. ثم يرد على هذا الاتهام بلسان زوجة زكي حين قالت: "أولادي هم أولادك أيضاً ..." وبالتالي يظهر لنا أن هذا التعليق والرد من قبل الزوجة في ص72 كان من الحري به أن يكون موجوداً في الصفحة 42 أو العكس.

6. ص45: في معرض الحديث عن أخوات سلمى، تخبرنا الرواية أن لسلمى أختين واحدة تعيش في الامارات، والأخرى في قلقيلية .. ثم في الصفحة 46 مباشرة تقول سلمى: "علاقتي جيدة مع أختي المتزوجة في الأردن..." .. هل هي تعيش في الامارات أم في الأردن ؟!!

7. ص59: تقول الرواية أن ميرا ستنهي دراستها لتعود الى أهلها مهندسة، الا أن الكاتب أخبرنا في الصفحة 47 أن ميرا تحضر محاضرة بعنوان "العلوم الحياتية" فهل تعتبر العلوم الحياتية من احدى مقررات تخصص الهندسة في بيرزيت؟ (مجرد تساؤل) .. ولكن الإشكال الأكبر من ذلك هو في الصفحة 98 حين ذهبت سلمى إلى الجامعة بحثا عن دانا، تقول الرواية أنها ذهبت إلى كلية الآداب!! ووجدت دانا في مدرج تحضر محاضرة "مدخل في علم الاجتماع" .. السؤال هنا هل دانا تدرس الهندسة أم الآداب ؟!

8. ص66: يجري حوار بين لؤي ووالده داخل أحد أفخم المطاعم التي يمتلكها زكي السيلواني .. وعندما ينتهي الحوار في الصفحة 67 يخبرنا الكاتب أن الأب طلب من لؤي أن يخرج وأن يغلق باب المكتب خلفه .. ثم في الفقرة التالية مباشرة في نهاية ص67 يقول الكاتب في بدايتها: "نزل لؤي من مكتب والده ..." .. السؤال: هل جرى اللقاء في المطعم أم في المكتب؟!!

9. ص87: يخبرنا الكاتب ببداية علاقة حب بين دانا وشاب يدعى "سامر" .. ولكن المفاجأة في الصفحة 109 حين تسأل سلمى دانا عنه فتقول: "كيف حسام؟" .. السؤال هل اسم الشاب سامر أم حسام ؟!

10. ص88: في نهاية الصفحة: "صرخت دانا: أحبك حينما تكونين مثلما أريد..." أعتقد أن هناك خطأ فالمقصود كما هو واضح من السياق أن التي صرخت هي سلمى وليست دانا!!

11. الجزء الثالث من الرواية تحت عنوان: لؤي يتحدث (من المتن إلى الحاشية) .. وجهة نظري هو أن هذا الفصل كاملاً لا ضرورة حقيقية أو أدبية أو واقعية له في هذه الرواية، صدقاً وجوده شوه الرواية كثيراً!! لو كانت الرواية بدون هذا الفصل لكانت من أفضل الروايات الجديدة على الاطلاق!! .. اللغة فيه مختلفة عن لغة الرواية + الكلام غير مترابط والتسلسل غير واضح اطلاقاً + جميع الكلام في هذا الفصل كانه مضاف جبراً على الرواية .. أظن انه كان عبارة عن خواطر نثرية منفصلة عن الرواية ثم قام الكاتب بإدخالها الى متن الرواية لكي يزيد من اللمسة العاطفية فيها + هناك الكثير من الإشكالات المنطقية في هذا الفصل مما يزيد قناعتي أن هذا الفصل لا علاقة له لا بالرواية ولا بموضوعها ... للأسف كان هذا الفصل بالنسبة لي خيبة أمل كبيرة.

أخيراً:
بالرغم من كل هذه الإشكاليات إلا أنه لا شك في أن هذه الرواية من الروايات المميزة جداً بين بنات جيلها، بسلاسة اللغة وسهولة المفردات وتسارع الاحداث والقدرة على خطف الخيال وتناول موضوعات مثل المثلية الجنسية والزواج بين الأديان المختلفة، لهو بالأمر الجريء والمثير للإعجاب، مع أنني شعرت أن الرواية ناقصة للأسف فقد تم التعريج على بعض المواضيع دون اكمالها وتفصيلها بشكل أفضل، ولكن أمر كهذا يغتفر بالنسبة لكاتب جديد وعمل أول في مجال الأدب .. أحيي الكاتب على هذه الجرأة، وأتمنى أن أقرأ له ما هو أفضل وأقوى من هذا العمل في السنوات القادمة. كل التقدير.
مودتي.


View all my reviews

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

مراجعة: رواية الموتى لا ينتحرون

الموتى لا ينتحرون الموتى لا ينتحرون by Sameh Khader
My rating: 2 of 5 stars

حسناً، سامح خضر، صديقي الجميل. كل الحب والاحترام لشخصك، لا نختلف على أنني أحبك وأحترمك كثيراً. ولكن رأيي في الرواية هو مسألة أخرى وهو منحصرٌ فقط فيها، فبالنسبة لي أؤمن تماماً بنظرية "موت المؤلف" وآخذ النص مستقلاً.


"ملاحظة: المراجعة فيها حرق لبعض الأجزاء في الرواية، فلمن لم يقرأها بعد، أنصحه بتأجيل قراءة المراجعة إلى حين الإنتهاء من الرواية"

بصراحة لقد خاب أملي كثيراً، فالعنوان لافت جداً ومثير لشغف القراءة، ولكن ما احتوته الرواية من أخطاء فنية ومنطقية وبنائية بدد كل شغفي لقراءتها.

أولاً: الحبكة في الرواية بشكل عام هي حبكة ركيكة ومتخلخلة جداً، كان يلزمها مزيدٌ من التمتين. فهناك الكثير من الفجوات والبقع المظلمة في الرواية، والتي لم يعالجها الكاتب ولم يروي فضولنا تجاهها، فمثلاً: ما السبب في طرد حياة من البيت، بأي حق ولأي سبب؟ هذا الأمر باعتقادي هو جزء أساسي في تكوين الحبكة الروائية، ولم يكن جديراً بالكاتب إغفاله.

ثانياً: هل يُعقل منطقياً وواقعياً أن يستمر الإعتداء على حياة في بيت الجد طوال كل هذه المدة قبل اكتشاف الأم لها!!!! يعني هم يعيشون في نفس البيت تحت نفس السقف، ألم يلفت نظر الأم أن هناك شيئاً غريباً يحدث؟!! في هذا الجزء من الرواية لم يستطع الكاتب إقناعي.

ثالثاً: الفصول التي تحدثت عن العلاج النفسي، بصراحة كانت من أكثر الفصول اثارة للملل، شعرت لوهلة كما لو أنني أقرأ بحثاً في علم النفس، لذا أرى أن الكاتب لم يوَّفق في طرح الحوار عن هذا الجزء من الرواية بطريقة أدبية ممتعة، سواءً الذي دار بين الطبيبة وشروق قبل الشروع في العلاج، أو الحوار أثناء جلسات العلاج.

رابعاً: أما المشكلة الأخيرة وهي عند الرجوع إلى فلسطين! لقد هربت حياة خلسةً ومن الطبيعي أن تنهشها الألسن على هذه الفعلة وخصوصاً في القرية! وسيلحقها العار إلى آخر عمرها هي وكل عائلتها .. فمسألة رجوعها إلى أهلها هي مسألة في غاية الصعوبة، أستغرب كيف أغفل الكاتب هذا الجانب، وتجاوز هذه المعضلة بعودتها إلى فلسطين. لأنه حتى عودة زوجها قبل ذلك ولقائه مع أهلها يظل أمراً صعباً جداً، وخصوصاً أنه يأتي ليواجه رجلاً شديد البأس كما وصفه الكاتب في الرواية، وأنه محط تقديس أبنائه وأهل قريته.. يعني باختصار مسألة العودة إلى فلسطين أراها في غاية الصعوبة والتعقيد. وأستغرب من طريقة تبسيط المسألة بهذا الشكل في الرواية!

خامساً: آخر سطر في الرواية قشعر بدني، لهذا السطر أعطي نجمة، ولتناول الرواية لقضية حساسة جداً في الواقع الفلسطيني -ولو أنه تناول ضعيف ولم يعالج القضية بالشكل المرغوب- أعطي نجمة أخرى.

مع كل الحب والتقدير.

View all my reviews

الأربعاء، 10 أغسطس 2016

لماذا يجب عليك أن تدرس المنطق؟





بدايةً، إن الخطأَ في العلوم تكونُ نتائجهُ بمقدارِ ما أُخطئ فيه، فمثلاً: الخطأ في النحو هو التلفظُ بما يُستهجنُ في لغةِ العرب، والخطأ في الجغرافيا هو إعطاء إحداثيات لمكان خاطئ، والخطأ في التاريخ هو رواية واقعة بغيرِ حقيقتها، وهكذا. ومن الطبيعي أن يختلف مقدار الخطأ، لكنه خطأٌ خاصٌّ مُعيَّن، في موضوعٍ مُعيَّن، بالنسبة لأمرٍ مُعيَّن.

أما الخطأ في الفكر، والاشتباه في الاستنتاج، هو أكبرُ الأخطاء وأسوأها، لأنه خطأٌ عامٌّ شاملٌ لكل العلوم. ونسبةُ الخطأ في الفكر إلى الخطأ في غيره من العلوم كالنحو، الجغرافيا، التاريخ وغيرها، ليست إلاّ كنسبة الخطأ في قاعدة كلية، إلى الخطأ في جزء من أجزاء تلك القاعدة.

فمن تعلم -خطأً- أن (5*7 = 12) سيقعُ في عشرات الأخطاء الرياضية يومياً، بخلافِ من عرفَ أن (5*7 = 35)، لكنه أخطأ في مرة واحدة. وكذلك من تعلم في النحو أن (كل فاعل منصوب) لا بد له أن يقع بعشرات الأخطاء النحوية يومياً، بخلافِ من عرف أن الفاعل يكون مرفوعاً إلا أنه أخطأ في مرة واحدة فقط. وإجمالاً فالذي أخطأَ في الفكر، لابد أن يقعَ يومياً في أخطاءٍ بالعشرات.

وكما أن الفلسفة هي أم العلوم، فالمنطق هو أساسُها وراعيها. ولدراسة المنطق أسبابٌ وجيهةٌ ودوافعُ كثيرة، وأذكر في هذا المقال بعضاً منها، لعل ذلك يكونُ تشجيعاً لمن أحبَّ أن يدرسَ المنطق، حتى لو لم يكن متخصصاً بالفلسفة، فالمنطق ليس فلسفة خاصة بالنخبة، أو طَلاسم كما يتصورُ البعض!  بل على العكس هو علمٌ سهلٌ وممتعٌ ومهمٌ جداً في حياتنا، ويسهلُ على أي شخص تعلمه مهما كان مستواه العلمي.


أولاً: المنطق لعبة ذهنية ممتعة!


حقاً، إن دراسة المنطق كتعلم لغة جديدة، ولكن بمفردات قليلة وبضع قواعد. وبهذه القواعد ستقوم بالكثير من الأمور، كتحليل الجُمَل العادية والنصوص اللغوية وفهمها بشكل أفضل، وعندما تكتُب، فإن كتابتك ستكون أكثر قوة، وألفاظك أكثر سلامة ودقة، لأنك ستفهم جيداً العلاقة التي تربط بين الألفاظ والجمل.

وستتعلم كذلك اختبار الحجج والبراهين التي يسوقها محاوريك أثناء محاولتهم إقناعك بشيء ما، وبالتالي دحضها، وبناء البراهين على حججك. وبالتمرين على هذه القواعد ستصبحُ ماهراً فيها، تماماً مثل ألعاب الـ "puzzles" فإن كنتَ مثلاً تحب لعبة الـ "sudoku" فإنك حتماً ستحب المنطق.


ثانياً: تمييز الغث من السمين هي مهارة ثمينة!


المنطق أساساً هو: "علمٌ وُضِعَ لصيانةِ الذهنِ عن الخطأ في التفكير، فهو يَدرسُ القواعدَ والقوانين العامة للفكر الإنساني. ويُستخدمُ كميزانٍ لمعرفة ما إذا كان الشيءُ صحيحاً أم خاطئاً".

فنحن نستخدم طرق الاستدلال المنطقية دوماً لتساعدنا على فهم الأمور بحقيقتها وتفسير الظواهر. فمثلاً لو أردتَ تشغيل "اللابتوب"، إلا أنه لم يشتغل، فستستدل بذلك على أن البطارية فارغة، فلو قمت بوصله بالكهرباء ولم يشتغل، فستُفكِر باحتمالية أن تكون الكهرباء مقطوعة، ولاختبار ذلك ستُجَرِّب أي جهاز كهربائي آخر لديك، وهكذا دواليك.

في هذا المثال عمليةُ الاستدلال بسيطة، لكن أحياناً قد تكون أمام سلاسل طويلة ومعقدة من الاستدلالات، التي قد تشوبها بعض المغالطات والانحرافات المنطقية، التي ستؤدي بك إلى نتائج غير منطقية؛ لذا فإن تدريب نفسك على بناءِ حججٍ قوية، وكشفِ الحجج السيئة، هي مهارةٌ مفيدةٌ جداً في كل الحقول العلمية وكذلك في الحياةِ اليومية.


ثالثاً: المنطق هو أبو الإقناع


البعض يُعرِّفُ فنَ الإقناع على أنه نوعٌ من البلاغة. فالبلاغةُ كالمنطق، تُعتبر جزءاً أساسياً من العلوم الإنسانية. وللأسف، فلم يعد كلا العلمين اليوم يحظيان بالاهتمام الكبير من قِبَل الدارسين. إلا أن الفرقَ بينهما يظهرُ في أن البلاغة قد تكون مجرَّدة من وسائل الإقناع أو الأدلة والبراهين. فهي تشمل مثلاً: مناشدة العاطفة، الصور والرسومات الاستفزازية، أو الجمل المسرحية الذكية والشعارات. وليس هنالك شكٌ في أن هذه الطرق يمكن أن تكون مقنعة في بعض الأحوال. ولكن المنطق الجيد كذلك يمكن أن يكون مقنعاً.

حسناً، أنا لا أقول إن الحجج المنطقية القوية ستفوز دائماً على الوسائل البلاغية الذكية، فليس كل البشر يرتاحون إلى المنطق والدليل، حيث نجد الكثير من الناس تُقنعهم أوهامٌ لا تحملُ أي ذرَّة منطق، كما أن الكثير من البشر يرتاحون إلى الجُملِ البلاغيةِ والخِطاباتِ الرنانةِ التي تلامسُ عواطفهم. ولكن في النهاية أعتقدُ أن الحججَ المنطقية القوية ستبقى وستحتل رأس القائمة.


رابعاً: دراسة المنطق تكشف لك المغالطات والانحرافات المنطقية


يكثرُ استخدامُ المغالطات المنطقية في ثقافتنا. السياسيون، النُقَّاد، المُعلنون، المُتحدثون الرسميون للشركات. الجميع تقريباً يستخدمون المغالطات المنطقية، فتجدهم يهاجمون رجال القش، ويستندون إلى رأي الأغلبية، ويطاردون الرنجة الحمراء، أو يرفضون وجهة نظر ما، فقط لأنهم يكرهون صاحبها. إن معرفة وإدراك هذه المغالطات سوف تساعدك على أن تصبح بارعاً في فهم ونقد ما تقرأه وتسمعه وتفكر به.

مهلاً! ما هي هذه المغالطات؟! حسناً لم أشأ أن أتوسع في شرحها الآن، لأنني سأقوم بكتابة مقال عنها قريباً.


خامساً: المنطق هو أساسُ النُظُم والمناهج


قلنا سابقاً أن المنطق هو أساس العلوم، الاجتماعية، الإنسانية، الرياضيات، علوم الكمبيوتر والفلسفة، في الواقع هو أساسُ كل العلوم التي تُستَخدَم بها الحُجَجُ المنطقية وطُرُق الاستدلال والبراهين. فجميع هذه العلوم لها صلاتٌ وثيقةٌ بالمنطق، وقد بُنِيَت وصيغت قواعدُها على أساسه. فكل من المنطق الأرسطي (الصوري) والمنطق الرمزي الحديث هي صروحٌ رائعةٌ من المعرفة التي تُعتبر من الإنجازات الفكرية الكبرى. وبالتالي فإن إلمامك ومعرفتك في المنطق ستُمهِد الطريق أمامك للتعلم، وستفتح الأبواب أمامك على مصراعيها لفهم وإدراك الكثير من العلوم، بشكلٍ لا تتخيله من السهولة واليسر.


سادساً: الفكر الخالي من الخطأ يجعل من المرء مواطناً أفضل!


هناكَ سقطاتٌ كثيرةٌ يقع بها البشر، مثل انتقاد وجهات نظر شخصٍ ما، بمهاجمته شخصياً، ونرى ذلك كثيراً في البرامج الحوارية وحتى في حياتنا اليومية. هذه المغالطة بلا شك فعالةٌ في بعضِ الأحيان، ولكن هذا ليس سبباً لتفضيلها على المحاججة المنطقية. وبالمقابل، فإن السبب في حاجتنا اليوم إلى التفكير المنطقي أكثر من أي وقت مضى، هو مسعانا لرفع مستوى النقاش السياسي والإعلامي بل حتى مستوى الإعلانات التجارية أيضاً، وحماية الناس من اتخاذ قراراتٍ سيئةٍ بناءً على مقدماتٍ سيئة.

لذلك أرى أن دراسة المنطق تضعكَ على الطريق لتصبح مواطناً أفضل، أعمقُ وعياً، أكثرُ انفتاحاً، وأوسعُ معرفةً.


تم النشر على موقع دخلك بتعرف

جميع ما يُنشر هنا، هو نتاج فكري خاص بي، وأي انتحال له، سيعرض فاعله للمساءلة القانونية محمود ترابي © 2019