الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

تحميل كتاب: رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس



هذه رسالة طريفة جداً في تأليفها وفكرتها، ولكنها أيضاً كلَّفت مؤلفها حياته عندما تم قتله غيلة في مكة بسببها، ولم تشفع له سنوات عمره التي تجاوزت الثمانين عند قاتله. المؤلف هو الإمام الحاكم أبو سعد المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي البيهقي. ولد بخراسان في شهر رمضان سنة 413 هجرية، وقُتل بمكة غيلة بسبب (رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس) في الثالث من رجب سنة 494 هجرية.

هذه الرسالة جاءت كلها على لسان إبليس (الشيطان) وهو يشكو إلى إخوانه الشياطين والجن (المناحيس) مما يلقاه من معشر الجن الذين على مذهب ورأي المعتزلة. فهي كلها شكوى حارقة لإبليس يبثها لإخوانه المناحيس. ولكن الحقيقة أن شكوى إبليس هذه هي محاولة من الإمام الحاكم البيهقي لإثبات آراء المعتزلة في وجه خصومه من أهل الحديث (السلفيون كما يسمون أنفسهم اليوم)، والشيعة الإثنى عشرية، وهذا هو سبب قتله في الحرم المكي. فهو يحاججهم، على لسان شكوى إبليس لإخوانه المناحيس، تارة بإيراد القصص الذي أفحم فيه معتزلة الجن إبليس، وتارة بندب حظه (حظ إبليس) الذي أوقعه بين المعتزلة ومنطقهم العقلي ولسانهم الحاد، وتارة ثالثة في إجهاد فكره (فكر إبليس) في كيفية الخلاص منهم.

هو كتاب ممتع في الحقيقة جداً، وخصوصاً فيما يتعلق بشكوى إبليس وندبه لحظه التعيس وبث حزنه لإخوانه المناحيس. إذ يتعرض لرأي المعتزلة في أمور شتى نراها بارزة إلى اليوم في إطروحات الفكر المتشدد، بعضها اندثر بموت الفرقة التي تبنتها، وبعضها لا يزال بارزاً بشقيه السني السلفي والشيعي الإخباري وإن كان على سبيل المنهج العام وليس بالضرورة التعيين. فلكل من يهوى الحِجاج العقلي، هذا الكتاب بمثابة نزهة جميلة وممتعة له.



رابط التحميل:

من هنا


تحميل رواية: مسك الكفاية لباسم خندقجي PDF

مسك الكفاية "سيرة سيدة الظلال الحرة"
 
 ثمة ناحية في جنوب الجزيرة العربية خارجة على حكم الخليفة العباسي، وقد جاءت سرية جند من جيش أبي جعفر المنصور لإخضاعها. وثمة في موازاة هذا المشهد الدموي أسرة فقيرة الحال من شبوة في حضرموت، مات معيلها قبل عشر سنوات، وراحت الأم الوفية تعمل هي وابنها الكبير في حقل لتحصيل الرزق للأسرة. وثمة في بؤرة السرد فتاة جميلة هي بطلة الرواية التي تأخذها المقادير إلى حيث لم تكن تتوقع ، لتصبح سيدة الظلال الحرة على رأي الكاتب، ولتجابه ذكورية التاريخ وتنتصر عليها.

ومن هنا، لا بد من الانتباه لتفاصيل المشهد الذي يسبق لحظة المفاجأة: فتاة ممشوقة القوام فاتنة، وأمها دائمة القلق عليها، والفتاة لا تطيق البقاء في البيت، فتذهب إلى الحقل حاملة الطعام إلى أخيها، وفي الطريق يقبض عليها أمير الجند، ويظن أنها تحمل الطعام للمتمردين على الخليفة. يدهشه جمالها، وبجملة واحدة يحكم على مسار حياتها اللاحق: أنت ستكونين هديتي إلى مولاي الخليفة.
نحن أمام تجربة روائية لافتة للانتباه، تشير إلى عصر سبق لنا أن قرأنا عنه في كتب التاريخ، لكننا هنا أمام عالم مشخّص من طموحات البشر ومن مكائدهم ودفاعهم عن ذواتهم، ولو جاء ذلك على حساب آخرين لا ذنب لهم ولا جريرة. وقد جسّد باسم ذلك كله بسرد ممتع جميل، وبلغة فيها من الشاعرية ما يكفي، وباقتباسات من الشغر والنثر العربيين ومن سرديات التاريخ، وبحوارات متقنة قادرة على كشف لواعج النفوس ومكنوناتها.
إنها رواية جديرة بالقراءة، ولا يفوتني في هذا المقام أن أرسل أحرّ التحيات والتمنيات بالإفراج العاجل، للروائي الشاعر الأسير: باسم خندقجي

*المراجعة للكاتب محمود شقير.
رابط التحميل:
من  هنا

الأحد، 26 أبريل 2015

كُتَّاب .. أم تُجار كلام ؟!




تحذير: إن هذه المقالة قاسية وساديَّة جداً، فعلى ضعيفي القلوب الذين لا يحتملون النقد القاسي أن لا يقرأوها.


أولئك الذين يتاجرون بثقافةٍ مبتذلة يضحكون بها على المراهقين، مراهقي الثقافة والأدب أعني، ألا يخجلون من أنفسهم عندما يُعيدون قراءَة ما نشروه ؟!
ألا يخجلون من أنفسهم عندما يناديهم أحد بالكاتب/ة، وهو يدرك بينه وبين نفسه أن الرابط بينه وبين الكتابة لا يُشبه سوى "الرابط العجيب" في سبيستون ؟!
ألا يخجلون طيب من أن يسموا أنفسهم بالكاتب والكاتبة؟ هل يَظنون أن كل من قرأ صار بإمكانه أن يكتب؟ هل يظنون أن كل من رصَّ بضعة كلمات في جملة سردية سخيفة صار كاتباً؟!

لقد قال لي صديقي يوماً: "ليس كل من كتب صار كاتباً، وليس كل من قرأ صار قارئاً". كم هو صادقٌ في ما قال !! إن الأسوأ من كل ذلك هو أنهم لا يعرفون أنهم يسيئون بكتاباتهم هذه إلى الثقافة والأدب وإلى الكُتَّاب حتى !!

فلو نظرنا إلى جملة المواضيع المطروحة في كتابات هؤلاء، من يطلقون على أنفسهم مسمى كاتب/ة .. لوجدنا معظمها ينحصر في الحب والعلاقات العاطفية، الكلام عن الجنس، والتفاصيل السخيفة التي تحمل في طياتها النَفَس المراهق.

فقد قال لي صديقٌ آخر أيضاً: "صدقني يا ترابي إن وجود هذه النسبة الكبيرة من الشعراء والكُتَّاب الذين يكتبون في الغزل والحب والروايات العاطفية البحتة ما هو إلا دليل صارخ على معاناتهم من كبت جنسي فادح وتصحرٍ عاطفيٍ فاضح"

لا أدري إن كان كلامه صحيحاً أم لا، ولكن ما أظُنُه صحيحاً هو أنه عندما يكون جُل اهتمام الكاتب منحصراً في موضوع معين، فهذا يعني افتقاره لهذه المشاعر التي يحاول التعبير عنها والشعور بها من خلال نسج عالم من الخيال داخل رأسه ليرضي مشاعره ورغباته الدفينة، ثم يقوم بتفريغ هذه المشاعر المجردة في كتاب ويقدمه لنا مدعياً أنه قام بكتابة رواية أو عمل أدبي !!

طيب لو تركنا المواضيع المطروحة في الأعمال الأدبية الحالية جانباً، ونظرنا إلى اللغة المستخدمة والفنون الروائية والقصصية والصور والتراكيب الفنية واللغوية، فلن نجد شيئاً منها. باستثناء قلة قليلة، فالأغلب لا لغة لديهم ولا أسلوب كتابةٍ سليم ولا بناء محكم للرواية والنصوص التي يكتبون، بل إن أغلب ما تجده اليوم هو إسهاب في السرد على حساب الأحداث والحبكة الروائية (التي غالبا لا وجود لها) !!

ومن الأمور التي استفزتني جداً مؤخراً حين وقع بين يدي نص أدبي، فوجدت السيد/ة الكاتب/ة يحاول أن يوصل لنا خبراً عظيماً، انظروا معي ما هو: "أنا أشعر بالحزن" يا أخي بربك ما هذه المسخرة ؟؟!!

الكارثة ليست هنا فحسب، تخيلوا أن حجم الكتاب أقل من 100 صفحة، وحجم الخط فيه تقريباً 18 وثمنه 20 شيكل، أي ما يعادل تقريباً 5$!!، إن جزءاً كبيراً من هذه المسخرة تتحملها دور النشر، وهذه الأخرى لها نصيب من النقد في هذه المقالة.

ما ألمسه في هذه الكتابات التي ملأت المكتبات للأسف، هو انعدام ثقافي مرعب .. !!


فأسأل نفسي، كم كتاباً قرأ هذا المنتحل ظلماً وجوراً مسمى كاتب/ة؟، ما حجم الثقافة التي يمتلكها؟، ماذا لديه ليقدمه للقارئ؟ يعني أن تُضيع وقتك وأنت تقرأ لساعات ثم لا فائدة تُرجى مما قرأت! ما الفائدة أو الإضافة التي سآخذها من هكذا كتابات ؟!

إنني في هذه الحالة المؤذية لا أُشفِقُ إلا على القُرَّاء المساكين الذين سيُضيعون أوقاتهم سدىً في قراءة هذه "الخراريف". نعم خراريف ولن أسميها بغير ذلك !!. ولا يَقُل لي أحدكم أنه من حق الكاتب أن يكتب ما يشاء، وينشر ما يشاء، فأنا من حقي أن أقرأ ما لا يُضيع وقتي عبثاً، ومن حقي أيضاً أن أدافع عن القراء الجدد الذين يتلهفون لقراءة هذه الترهات، والذين هم بالعادة من المراهقين حديثي العهد بالقراءة، الذين سيشكلون الدعامة الأساسية لوجه المجتمع وشبابه، فهم من سيقودون غداً مسيرات النضال والثورة من أجل الارتقاء بهذا البلد، ومن هذا المنطلق وحرصاً مني على عدم تشويه واجهتهم الثقافية والأدبية، أجد نفسي رافضاً لعملية التجهيل والتسطيح هذه، وإلهائهم بالترهات السخيفة وتغييبهم عن الثقافة الحقيقية التي تبني الإنسان قولاً وفعلاً. فهذه الكتابات تسيء إلى الأدب وإلى الثقافة وإلى الكُتَّاب وفن الكتابة الراقي.

ثم ثمة مسألة أخرى وأهم، وهي أن الكُتَّاب هم الوجه الثقافي للبلد والمجتمع الذي يعيشون فيه، يعني هم يعبِّرون بكتاباتهم عن واقعهم ومجتمعهم وثقافتهم، وأنا لا يرضيني أن يتم تمثيل مجتمعي بهكذا نصوص سطحية ساذجة، حيث تضر أكثر مما تنفع.

المثير للغضب في الموضوع أن الكاتب/ة لا يعدو ينشر كتاباً إلا ويلحقه الكتاب الآخر في مدة زمنية قصيرة جداً، المشكلة ليست في كتابة الكتب بسرعة وبمدة قصيرة فحسب حيث ينتهي الكتاب كاملاً في أسبوع أو شهر وفي أحسن الحالات في بضعة شهور، ولكن المشكلة الأكبر في أن العمل الثاني أو الثالث لا يختلف عن سابقه! فيبقى الكاتب مترنحاً في دائرة مغلقة وحبيساً لصندوقه. لو أنهم يغيرون من أسلوبهم ونوعية كتابتهم ويطورون ما يكتبون لن أقول شيئاً، بل على العكس سأحترم ذلك وأقدره، إنما تكرار نفس العمل الأول مع بعض البهارات، فهذه مسخرة.

وعلى العكس تماماً نجد في تاريخ أعظم الأدباء تأنٍ بالغ، فعلى سبيل المثال، استغرقت رواية البؤساء للكاتب العظيم فيكتور هوجو ما يقارب الأربعة عشر سنة !!، عمل كهذا ما زال حتى اليوم وبعد مرور أكثر من قرن ونصف يُشهد له بجماله وقوته وأناقته وسحره. لا أعتقد أنه لا يوجد رابط بين العمل الدؤوب والجيد والمتأني، وبين كون هذه الرواية (البؤساء) حقاً رائعة!

إن هذا السعي للكتابة بهذه الطريقة ما هو إلى سعيٌ نحو شهرة باهتة اللون والملامح، لا تفتأ أن تزول يوماً ما، حين سيبقى هؤلاء الكُتَّاب الذين باعتقادي قاموا "بحرق أنفسهم"، يندبون حظهم ويعضون أصابع الندم على الاستعجال في نشر أعمالهم. وأضف لذلك أن معظمهم اليوم يحاولون تقليد كُتَّاب مشهورين ومعروفين، ولكن المشكلة أنهم لا يقدمون إلا تقليداً شاحباً ومنفراً لا يمت لأسلوب الكُتَّاب محل التقليد بصلة.

وطبعاً لا أنسى إحدى الصديقات وهي كاتبة جميلة، صاحبة قلم جيد جداً مقارنة مع الآخرين، حين قررت التوقف عن الكتابة والنشر والانكفاء على القراءة في مواضيع جديدة ومختلفة عما كانت تقرأ سابقاً. إن هذا القرار منها يدعوني للانحناء لها احتراما، وأتمنى من الآخرين أن يحذوا حذوها.

الآن دعونا نسأل: ما هو موقف دور النشر من هذه الكتابات ؟؟!!


لا أستطيع أن أستوعب كيف لدار نشر محترمة أن تسمح لنفسها بأن تنشر سخافات كالمنشورة اليوم في المكتبات؟ ألهذه الدرجة يُشكِّل الجانب المادي دافعاً لنشر مثل هذه الكتابات؟ أليس من المفروض أن تكون دور النشر هي الأولى والسباقة في الدفاع عن الأدب والثقافة؟ صدقاً أنا أشك في أن دور النشر تُكلِّف نفسها حتى بالاطلاع وقراءة النصوص المرسلة إليها! لأنهم لو كانوا قد اطلعوا على هذه الكوارث ثم لم يتورعوا عن نشرها فإن هذه أم المصائب! عندها سنقلب كفاً على كف ونقول رحم الله الأدب والثقافة، ونفتح بيتاً للعزاء بعد أن نواري عقولنا وأقلامنا التراب !!

أما المصيبة الأخرى في الموضوع هو غرورهم وعدم تقبلهم للنقد وسعي معظمهم للكسب المادي فقط مما ينشرون.


منذ أيام كانت إحدى دور النشر تُقيم حفلاً لتوقيع بعض الأعمال الجديدة التي قامت بنشرها، حيث دعت الكُتَّاب وأعلنت عن الحفل، وما لفتني خلال حفل التوقيع حين وقَفَتْ إحدى الكاتبات على المنصة تتراقصُ كالأطفال وحملت الميكروفون لتتكلم عن روايتها، بدأت أولاً بإلقاء التحيات هنا وهناك، في منظرٍ ذكرني بالفنان الكبير "شعبان عبد الرحيم"! وما قالته عن كتابها كان هو الأسخف حين قالت: "كتابي مميز جداً وجميل جداً وأنصحكم أن تشتروه"! تمتدح نفسها وكتابها، ثم تنصحنا بشرائه كأي سلعة تجارية، هل رأيتم أسخف من هكذا موقف؟! ثم تسمي نفسها "كاتبة" ؟! اللهم عوِّض علينا عوضاً خيراً !!

أما عن مسألة تقبل النقد فنجد "عباس العقاد"، قد نقد قصائد "شوقي" وفرطها وأعاد ترتيب أبياتها واتهم قصائده بالتكلف، وكذلك كان ينتقد كتابات "مصطفى صادق الرافعي"، و"الرافعي" بالمقابل كان يرد على الانتقادات ويوجه نقده "للعقاد" و"طه حسين" و"سلامة موسى" "وزكي مبارك" و"عبد الله عفيفي" وبالمقابل يوجهون نقدهم له وهي ما كان يُطلق عليها "المعارك الأدبية" في ذلك الزمان، وطه حسين في إحدى أمسياته قام بتوجيه نقدٍ لاذعٍ جداً للكُتَّاب الجدد ولم يعترض عليه أحد وهذا ما بنى لنا أدباً رفيعا محترماً في تلك الفترة. يعني المسألة في النقد ليست مسألة شخصية بين الناقد والكاتب، بل نقداً نوجهه للنص والإنتاج الأدبي للكاتب، مفرِّقين جيداً ما بين الكاتب والعمل الأدبي، ومع ذلك نجد كُتابنا اليوم لا يقبلون نقداً مهما صغر شأنه أو كبر، وإن استمعوا له فهم يستمعون على مضض. إن الحركة الأدبية لا يمكن أن تتطور دون وجود حركة نقدية موازية لها. حيث يكونُ النقدُ أولاً في مصلحة الثقافة والأدب، ثم في مصلحة القارئ. هذا ما أتمنى أن يفهمه الكُتَّاب.

كلمة أخيرة،


من يُقيِّم النص هم القراء والنقاد، وليس الكاتب نفسه لأنه ببساطة (مادح نفسه كذاب) فمن حق القارئ إذن ألا يعجبه الكِتاب فينتقده، فطالما تم النشر ينبغي أن يحترم الكاتب قارئه، ويقدم له نصاً سليماً يليق بذوقه وما ينتظره من القراءة. أما إذا كُنتَ عزيزي الكاتب تعتبرُ نصوصك عبارة عن "تابو"، لا يحق للقرَّاء توجيه نقدهم لها، فأنا أبشرك بسقوط مدوي قريباً جداً.

تم النشر على موقع دنيا الوطن

جميع ما يُنشر هنا، هو نتاج فكري خاص بي، وأي انتحال له، سيعرض فاعله للمساءلة القانونية محمود ترابي © 2019