الأحد، 16 يوليو 2017

مراجعة رواية: أرجوك اعتن بأمي

أرجوك اعتن بأمي أرجوك اعتن بأمي by Kyung-Sook Shin
My rating: 3 of 5 stars

هذه الرواية تدعوك للنظر بعمق في علاقتك بمن هم حولك، ليس فقط أمك بل كل من هم قريبون منك حتى. تدعوك لمعرفتهم أكثر ولأن تعطي قدراً ما من التقدير لوجودهم في حياتك.


وتُفهمك جيداً أن أكثر الناس قرباً لنا، سيرحلون يوماً ما، ربما فجأة، ويختفون عن هذا العالم تماماً، فلن نعود قادرين على أن نراهم لنقول لهم الكلام الذي لطالما أردنا أن نبوح به إليهم، لن نمتلك الفرصة لنعتذر لهم عن أخطائنا بحقهم، لن نجد فرصة لنشاركهم شرب كوبٍ من الشاي حتى !



أما من الناحية الفنية، فقد كان البناء السردي للرواية جميل جداً ومنتقى بعناية، مع أنني لا أرتاح عادة لصوت الراوي الذي يُخاطب الشخصيات، فهو يثير لدي إرباكاً في الغالب ويضعني في دوامة للبحث عن الراوي، من هو الراوي؟ وما علاقته بالشخصيات؟ ليس لعيبٍ في هذا الأسلوب، إنما في نقص خبرة الكتاب وخصوصاً العرب في استخدامه.



إلا أنه في هذه الرواية كان من الضروري أن تختار الكاتبة هذه التقنية من تقنيات السرد، حيث لم أجد صعوبة في أن أقرر فوراً أن الراوي هنا هو الضمير، ضمير كل شخصية من شخصيات الرواية، وصوتها الداخلي، الذي يعاتب ويتذكر ويحكي ويوبخ.



يكون أحياناً الرضى بالواقع وتقبله صعب جداً، ليس سهلاً علينا أن نرضى، ولكن في حالٍ كهذه ماذا عسى أي شخص فينا أن يفعل؟

تضعك هذه الرواية أمام سؤال كبير: (هل سيكون الأمر مختلفاً لو أن الأم ماتت بدلاً من أن تضيع وتختفي فجأة؟؟)
وينبثق من هذا السؤال عشرات الأسئلة الأخرى، أسئلة من صلب الرواية، وأسئلة من صلب حياتك أنت، لربما تسأل نفسك بعد أن تنهي هذه الرواية : "ما هي أكلة أمي المفضلة؟" أو "ماذا حلم أبي أن يكون عندما كان صغيراً؟" أو "هل أحبت أمي عمل المطبخ؟؟ (كما ورد هذا السؤال في الرواية)" أو أو .... وتمتد الأسئلة إلى ما لا نهاية ....


هذه الرواية بوابة من الأسئلة، ونافذة مشرعة على ومراجعة الذات.




View all my reviews

الثلاثاء، 21 مارس 2017

أخي قال لي: "لا تُصدقهم، أنت غبي"



عندما كنتُ طفلاً وصفتني عائلتي والكثيرون من المحيطين بي بالكثيرِ من الكلماتِ التي تدلُّ على الذكاء، مثل: "ذكي، عبقري، دقيق الملاحظة، لمَّاح، رهيب، أبو مخ ...إلخ"، إلا أن أخي الذي كان يكبُرني ببضعِ سنين شَعَرَ حينها بما يُغيظه في كل هذا، واشتعلتْ نارُ الغيرةِ في قلبِه، حيثُ كانت كلُّ هذه الأوصاف تُطلق عليه سابقاً، وأظن أن أكثرَ ما أغاظَهُ منها عندما قالوا عني: "أذكى من أخوه"، فأحسَّ الآن بأن هنالك من صار ينافسه على اكتسابها! فكرهني بحق!

وللانتصار لنفسه صارَ يتعمَّدُ دوماً أن يصِفَني بكلِّ ما يدلُّ على الغباء، وأن يُقلل من قُدراتي ومعرفتي، وأسوأ ما فعله بي هو عندما ظلَّ يقولُ لي دوماً: "ما تصدقهم، بكذبوا عليك، أنا الذكي مش أنت، وأنا أذكى منك، هم بحكوا هيك بس عشان يبسطوك، ولأنهم شفقانين عليك لأنك حمار". لقد أوقعني كلامه هذا في حيرة كبيرة حينها، واهتزَّت كل أفكاري، من سأُصدِّق أخي أم الآخرون؟ هل أنا حقاً غبي؟ هل حقاً كانوا يكذبون عليّ؟ ... وفي النهاية فقدت الثقة في نفسي، وصدقته!

لقد صدَّقتُ أنني غبي، أو على الأقل غبيٌ بالمقارنة به، لكنني لم أستسلم لذلك، وللانتصار لنفسي، وأملاً في استرداد ثقتي التي فُقِدَت مني؛ صِرتُ أتحدى نفسي وأخي لكي أكون الأذكى.

لقد كانت طفولتي حافلةً بالتنافس والتحدي. ارتفع جو التنافس بيننا وامتلأتُ بالشغف، الشغف نحو المعرفة، أو ربما الهَوَس! فظلَّت تُلازمني الرغبة في المعرفة وزيادة مستوى الـ "IQ" الخاص بي. انطلقتُ بدايةً نحو التجربة، بدأتُ أُجرِّبُ كلَّ شيء، وأتعلَّمُ من المحيط الذي كنتُ أعيشُ فيه، فقط لأُثبِتَ لنفسي ولأخي أنني الأذكى.

اصطدتُ عقرباً ذات يوم وسجنته في علبةٍ لكي أراه عن قرب، قصصتُ ذيله لأرى كيف سيلسع بعد الآن، حملته بيدي ولم يلسعني، فاحتفظتُ به في العلبة، إلى أن رآه أبي فقتله.

أردت أن أعرف أهمية الشوارب للقطة، فقصصتُ شواربها، بعد أيام عادت ووجهها مليء بالندوب، لم أعرف السبب يومها، أو الرابط بين قصي للشوارب وبين هذه الندوب، إلى أن قرأتُ مقالةً عن أهمية الشوارب للقطط فعرفتُ فيما بعد. ومرةً أخرى قصصتُ لها أظافرها بدافع النظافة طبعاً، فتغيرت مشيتها!

حاولتُ أن أُشرِّحَ دجاجة ميتة لأتعرف على ما تحتويه، فلطالما شغلتني الأشياء المختفية في الداخل، الأشياء التي لا نراها، ولكنها السبب الرئيس وراء كل ما نراه. ثم بعدها انتابني الفضول لكي أرى أعضاءها وهي على قيد الحياة وخصوصاً القلب، فشققت بطن دجاجة حية ورأيتُ قلبها وهو ينبض لبضع ثوانٍ قبل أن تفارقها الحياة، لقد كان انتصاراً كبيراً يومها وتجربةً مليئة بالشغف!

تعلَّمتُ أن أُفكك الألعاب وأستخرج منها الأضواء والمحولات والبطاريات، ثم صنعت بها أول دائرة كهربائية بسيطة لوحدي، بالمناسبة لقد صعقتني الكهرباء في طفولتي أكثر مما صعقت فنيي الكهرباء!!

تعلمت أن أصنع صمغاً طبيعياً من صمغ شجرة المشمش الكبيرة التي كانت في حديقة بيتنا، ثم بدأت بجمع الصمغ من كل الأشجار الأخرى كاللوز والسرو، لقد كان صمغ السرو أكثر أنواع الصمغ قوة! إلا أن ما يُعيبه هو صلابته الزائدة وسرعته في الجفاف مقارنة مع صمغ المشمش واللوز، وقد جُنَّ جنون أخي حينها لأنني لم أقبل أن أعلمه كيفية التصنيع؛ مما دفعه لأن يبول في علبة الصمغ التي استغرقت مني أشهراً في صناعتها. بكيتُ كثيراً يومها، حين كان يضحكُ مني ساخراً.

تعلمتُ أن أُفكك جهاز الكمبيوتر قطعة قطعة، ثم أعيد تركيبه من جديد، تعلمتُ الكثير من خُدع الكمبيوتر وبرمجياته وآلية عمل أنظمة التشغيل وبرامج التشفير والاختراق (Hacking)، فقمت ابتداءً باختراق حاسوب أخي الأكبر وإيميله، ولم أجد لديه ما يُثير الاهتمام. بعد ذلك أكملت هوايتي في الاختراق إلى أن أعددت قائمة تعدت الأربعمائة حاسوب وإيميل قمتُ باختراقها، إلى أن أصابني الملل وآلمني ضميري فقررتُ أن أنأى عن هذه المعرفة وأنقطع عن متابعتها، وقد نجحت في ذلك جيداً نظراً للتطور الكبير الذي وصَلَتْ إليه التكنولوجيا وأنظمة الحماية والأمان وعدم متابعتي لهذا التطور.

عندما صار عمري أربعة عشر سنة، انتبهتُ إلى أن هناك في مخزن بيتنا مكتبةٌ كبيرةٌ جداً ومليئةٌ بشتى أصناف المعرفة، فصِرتُ أقتل الوقت بالقراءة، كانت القراءة في البداية بدافع الاستطلاع والترويح عن النفس، لم أكن قارئاً منتظماً أو جيداً، لم أكن أهتم كثيراً بما أقرأه، ثم ما لبثتُ أن بدأتُ بالتهام الكتبِ التهاماً، فقد كانت تفتحُ أمامي عوالمَ كبيرة وواسعةً جداً، وأهمُ ما في الأمر أن القراءة جعلتني أتفوَّقُ بشكلٍ كبيرٍ جداً على أخي. لقد سبقتهُ بأميالٍ طويلة، وأخيراً حققتُ ما كنتُ أصبو إليه: صرتُ أذكى منه وأكثرُ ثقافةً وأغزرُ خيالاً.

وبالرغم من أننا صِرنا بالغَين اليوم ولم نعد طفلين يتناوشان ويتنافسان على الذكاء والمعرفة، بالرغم من أن التنافس الذي كان بيننا صار تحالفاً، وبالرغم من أننا صرنا صديقين حميمين جداً اليوم، إلا أنه لا يزال يُنكر ذلك، يُنكر تفوقي عليه، ولا ينفكُ يقولُ لي: "بالرغم من أنني أذكى منك، إلا أنني أعترف بأنك أذكى من قابلتُ حتى الآن".

منذُ أشهرٍ قليلة، أفصح لي عن نيته بأن يبدأ بالقراءة. ولذا أظنني الآن بحاجة إلى إخفاء كُتُبي المهمة عنه، والبدء بقراءة عددٍ كبيرٍ من الكتب الجديدة لكي أُحافظ على تفوقي.

الجمعة، 10 فبراير 2017

مراجعة: رواية التحول / المسخ

التحول التحول by Franz Kafka
My rating: 4 of 5 stars

كان يقول كافكا: “إننا نحتاج إلى تلك الكتب التي تنزل علينا كالصاعقة التي تؤلمنا، كموت من نحبه أكثر مما نحب أنفسنا، التي تجعلنا نشعر وكأننا قد طُردنا إلى الغابات بعيداً عن الناس". وهذا ما فعله عندما كتب لنا "المسخ / التحول"
تتجلى العبقرية في هذه الرواية برمزيتها العميقة، حيث يمكن إسقاط هذه القصة المُفجعة على كثير من الجوانب الحياتية: العقائدي، الاجتماعي، السياسي، الأسري، العاطفي...إلخ.
فبمجرد أن تختلف عن الآخرين وتخرج من القطيع ستتحول إلى حشرة في نظرهم وكائن منبوذ لا يستحق الحياة.
الحشرة هنا ترمز إلى الاختلاف عن الآخر، أو المصيبة أو المرض أو الحاجة التي تحوق بالإنسان وتضعه في حاجة الآخرين.
الحشرة هنا أن تكون أنت بوجه آخر عندما يُنكرك الآخر، أن تتحول شفقته عليك إلى عذاب وألم فظيع، حتى تصبح في موقف تستعد فيه إلى الموت أو الرحيل أو الانتحار دون أي يرف لك جفن.


View all my reviews

الخميس، 9 فبراير 2017

تحميل رواية جريمة في رام الله PDF


رواية جريمة في رام الله تدور فيها قصة ثلاث شخصيات شابة من جيل بعد الانتفاضة الثانية تواجههم جريمة ويتكشف خلال التحقيقات التغييرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع.

يتطرّق عبّاد في روايته إلى حياة الجيل الفلسطيني الشّاب ما بعد الاِنتفاضة الفلسطينية الثانية من خلال تتبّع الحيوات والتفاصيل الصغيرة لشخصيات شابّة. حياة الفلاحين الذين ينتقلون إلى المدينة وعوالمها وتركيبها الاجتماعي المختلف.

من خلال بضعة شخصيّات فكك الباحث في علم الاجتماع عبّاد-ويلاحظ القارئ من خلال السرد التمكُّن من رصد تفاصيل قد تبدو عاديّة بنظر غير الخبير-هذا الجيل الشاب؛ فها هما رؤوف ونور القادمان من القرية يتخلَّيان عنها وكل ما يربطهما فيها من قواعد وتقاليد، حتّى العائلة. وهاجس رؤوف المُسمّى دنيا، ووسام وربا اللّذان يظهران مع وقوع الجريمة، ويتَتبّع مصير كلاً منهم.

عن كاتب رواية جريمة في رام الله عباد يحيى
كاتب وباحث وصحفي من فلسطين، حصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع من جامعة بيرزيت. صدرت له روايات "رام الله الشقراء"، و"القسم ١٤"، و"هاتف عمومي". عمل صحفيا في عدة وسائل إعلام عربية وفلسطينية.



رابط التحميل


جميع ما يُنشر هنا، هو نتاج فكري خاص بي، وأي انتحال له، سيعرض فاعله للمساءلة القانونية محمود ترابي © 2019