الخميس، 14 يناير 2016

في نقد الفقه القانوني ..


لا تنخدعوا بمثل هذه التبريرات !!





إن ما هو أسخف من الانتقادات الموجهة من قبل فقهاء القانون العام، لبعض النظريات في (القانون العام) وخصوصاً الدستوري والإداري، هو تسليمنا كقانونيين لهذه الانتقادات !!

فمثلاً نجد بعض الفقهاء يوجهون الانتقادات إلى "الرقابة البرلمانية على إصدار لوائح الضرورة" بأن النواب قد يَجبنون عن القيام بالمهام الموكلة إليهم، أو قد يكون النواب غير مؤهلين بالشكل الكافي أو لا يمتلكون ثقافة قانونية جيدة، وقد يسعون وراء مصالح شخصية ...الخ.

ففي هذا المثال، نجد الفقيه ينتقد "الرقابة البرلمانية" بحد ذاتها! مُغفلاً أن المشكلة الأساسية التي هو بصدد علاجها تتشكل في وعي الشعب الذي قام بانتخاب هؤلاء النواب أصلاً، إضافة إلى كون المشكلة في النواب أنفسهم وليس في عملية الرقابة بذاتها !! ..
فهنا يعملون على اغفال وستر أصل المشكلة الأساسية، ويتعاملون مع هذه المشكلة على أنها ناتجة أساساً من هذا النوع من الرقابة "الرقابة البرلمانية"، فيوجهون نقدهم خطأً إلى عملية الرقابة !!

وفي مثال آخر نجد من ينتقد "نظام/قانون الانتخاب الديمقراطي"، بحجة أن الناخبين قد يكونون غير واعين سياسياً ومجتمعياً وثقافياً وبالتالي قد يدفعون بأصواتهم الانتخابية بأشخاص غير كفؤ إلى مراكز قانونية ونيابية وسياسية ...الخ.

فهنا نفس الخلل، نجد الفقيه بدلاً من أن يقوم بتوجيه النقد إلى قلة وعي الناخبين، وأن يحاول وضع توصيات تعمل على رفع مستوى هذا الوعي، نجده يغفل المشكلة الأساسية، ويوجه سهام نقده إلى "نظام الانتخاب" بحد ذاته !!

هذه الأساليب الكسيحة في معالجة القضايا المهمة والحساسة في المجتمعات العربية، لن تؤدي إلا إلى تضليل عقولنا عن حقيقة الأمور، وبقاء مشاكلنا الحقيقية طي الطمس والتمويه، وتبرير الفساد الإداري والمالي والسياسي ...الخ، من خلال عدم الإشارة إلى أصل المشكلة.

لا تنخدعوا، اطرحوا كل موضوع وكل رأي فقهي على طاولة التحليل والنقد والتشريح.


منشور في حسابي الشخصي على موقع LinkedIn

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع ما يُنشر هنا، هو نتاج فكري خاص بي، وأي انتحال له، سيعرض فاعله للمساءلة القانونية محمود ترابي © 2019