الخميس، 1 سبتمبر 2016

وهم نظرية التطور ؟!!



هذا الفيديو (الصاروخي) كما يسمى أو الضربة القاضية لنظرية التطور، كما أسماه آخرون، نُشر وتفجر في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، فمن حقي كشخص مقتنع بالنظرية أن أبدي رأيي في الأمر.

في هذا الفيديو يستخدم المذيع مغالطة منطقية واضحة جداً وهي "الاحتكام للجهل"، بمعنى: إن كنتَ غير قادر على إثبات شيء، فتؤخذ عدم قدرتك هذه، على أنها دليل على عدم صحة هذا الشيء. مثلاً: لا يوجد دليل على وجود العفاريت، إذن هي غير موجودة. مثال آخر: عدد شعر رأسي هو 56849 شعرة، وإن أنكرت ذلك فعليك أن تثبت خطأي بأن تقوم أنت بالعد (في هذه الحالة، القائل والسامع جاهليّن بعدد الشعر).

وهذا الفيديو يصرِّح فيه المذيع بوضوح: إن لم تكن قادراً على إعطائي دليلاً ملموساً على التطور، فإن هذا معناه أن التطور غير صحيح. طبعاً هذا الطلب هو ضرب من الجنون أو الهبل!! لأن النظرية تقول: إن عملية التطور من نوع إلى نوع، أصلاً تحتاج إلى ملايين الطفرات المتراكمة على مرّ آلاف أو ملايين السنين !! مما يعني ببساطة أن المذيع أصلاً على ما يبدو أنه غير مستوعب للنظرية!

وأتساءل الآن، هل لي أن أستعمل نفس النسق وأسأل: " هل هناك ادلة واضحة وملموسة على قصة آدم وحواء التي حصلت منذ ملايين السنين؟!!!"

أما بالنسبة للطلاب والأساتذة الذين تم طرح الأسئلة عليهم، فربما لعدم اطلاعهم على علم المنطق والمحاجات، لم يكونوا قادرين على الرد بهذه الصورة، واكتفوا بإنكار وجود دليل، لأنه في الحقيقة وعملياً غير موجود !! (وهذه سلبية كبيرة اليوم عند معظم متخصصي العلوم، أقصد أنهم غير مطلعين على الفلسفة والمنطق والمحاجات). وربما يكون الفيديو كله على بعضه مفبرك !!

على كل حال، النظرية تتحدث عن شقين، الأول: هو التطور الصغروي (Microevolution)، وهو تطور صفات معينة في الكائنات نفسها، مما يبقيها بنفس النوع وبنفس الشكل، مع اختلافات بسيطة جداً، تحصل لتتلاءم مع البيئة التي تعيش فيها.

أما الشِق الثاني: وهو التطور الكبروي (Macroevolution)، يُقصد به التطور من نوع إلى نوع آخر، كأن نقول إن الطيور تطورت من الزواحف، وإن الحوت تطور من النمر ... وهكذا. وهو الذي يطالب المذيع في هذا الفيديو بدليلٍ عليه. وطبعاً أبسط دارس لنظرية التطور يعرف أن هذا السؤال هو من أغبى ما قد يُسأل عن التطور!

وخلاصة ما تقوله النظرية، أن كل الكائنات الموجودة على وجه الأرض لها أسلاف مشتركة فيما بينها، تطورت عنها لتصبح على ما هي عليها اليوم. إذن نحن لم نتطور عن الشمبانزي، إنما نشترك والشمبانزي في السلف المشترك، وبلغة أبسط (أولاد عمومة).

وبالنهاية، ليس من الضروري أن أرى الديناصور أو الماموث أمامي الآن حتى أصدق بوجوده، يكفي أن أرى بعض الآثار التي تدل على أنه كان موجوداً يوماً ما. وكذلك ليس من الضروري أن أرى الأدلة الملموسة على التحول من نوع إلى آخر، بل يكفي أن أرى الآثار على هذه العملية، ومن بعض هذه الآثار: وجود عظمة الحوض في جسم الحوت وغيرها. والمعني بفهم النظرية يبحث ويقرأ عنها ولا يكتفي بهذا التهريج الإعلامي!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع ما يُنشر هنا، هو نتاج فكري خاص بي، وأي انتحال له، سيعرض فاعله للمساءلة القانونية محمود ترابي © 2019